-A +A
حمود أبوطالب
أصدر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، القانون الخاص بفصل الموظفين وعناصر الإخوان والإرهابيين من الوظائف الحكومية. ونص القانون على سريان أحكامه على العاملين بوحدات الجهاز الإداري بالدولة من وزارات، ومصالح، وأجهزة حكومية، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة، وغيرها من الأجهزة. ويتم فصل الموظف في حال إذا أخل بواجباته الوظيفية أو تسبب في الإضرار بمرافق الدولة أو بمصالحها أو ظهور قرائن على ارتكابه ما يمس الأمن القومي أو عند وضعه على قائمة الإرهاب.

حسناً، هل هذا القانون يمثل شكلاً من أشكال المكارثية كما يلمح المتعاطفون مع التنظيم، أو هل فيه تعدٍ على الحقوق، أو يمثل تعسفاً وجوراً على من تنطبق عليهم شروطه. إن في مصر فقهاء قانون كبار بعضهم موجود في مجلس النواب الذي أقر القانون، وفيها مؤسسات مجتمع مدني عريقة، وأنظمة وقوانين ترعى الحريات وحقوق الإنسان، لكن خطر تنظيم الإخوان ضرب أمن مصر ومقدراتها وسلمها الاجتماعي في العمق، بل هدد كيانها كدولة بعد أن تمكن التنظيم من اختراق أجهزة الدولة ومؤسساتها كافة، وبدأ ينتقم بطرق خبيثة من الشعب المصري الذي ثار ضده بأعمال تخريبية لبنيته التحتية واقتصاده واستهداف مؤسسته العسكرية والأمنية.


ومعروف أن تنظيم الإخوان لا يهتم بتجنيد الدراويش والأميين والعاطلين، بل يستقطب طبقة التكنوقراط بكل تخصصاتها ويجهز أفرادها ويدفع بهم إلى كل مفاصل الدولة بما فيها المراكز العليا والحساسة، وهذا ما حدث في مصر عبر فترة طويلة، ما جعل التنظيم يتمكن من تنفيذ أجندته عبر كوادره الموجودة في كل موقع. وحتى بعد إزاحته والتضييق عليه بعد ثورة ٣٠ يونيو بدأت عناصره تنفيذ موجات إرهابية وممارسات تخريبية واغتيالات واستهداف لمشاريع البنية التحتية من سكك حديد وقطارات ومحطات كهرباء وغيرها، ثبت أنها بتخطيط وتمرير وإشراف كوادر التنظيم التي ما زالت موجودة.

إذاً يصبح من العبث مطاردة عناصر التنظيم المنفذة للأعمال التخريبية بينما الرؤوس الكبيرة الخطرة باقية ومنتشرة في أجهزة الدولة، ولا يمكن لمصر أن تكون بمأمن إلا بتنقية شرايين الدولة من سمومهم، وهذا ما يستهدفه القانون الجديد الذي أيدته كل أطياف المجتمع المصري، بينما بدأت تنتقده الجهات المعروفة بوقوفها خلف مشروع الفوضى والخراب في العالم العربي، والتي صدمها سقوط الإخوان في القلعة الكبرى مصر.

قانون الرئيس السيسي أشبه بجهاز الغسيل الدموي «الديلزة» الذي يقوم بتنقية الدم من السموم كي يستطيع الجسد القيام بوظائفه الحيوية. وهذا الجهاز تحتاجه بقية الدول التي تضررت من التنظيم وما زالت متضررة منه.